في عصر الإعلام الجديد ووسط تأثير السوشيال ميديا، نشهد تحولًا في الهوية الفردية والجماعية. التفاعل عبر المحتوى الفيروسي لا يخلق مجرد تواصل عابر، بل يسهم في تشيؤ الذات وتوحيد الأذواق، مما يجعل الأفراد مجرد نسخ باهتة من بعضهم البعض، تفتقر إلى أي تميز حقيقي.
هذه الظاهرة تعكس تأثير العولمة الرقمية وتعمل على تسليع التجربة الإنسانية وتفقدها الخصوصية الثقافية، لتحل محلها محاكاة سطحية لا تحمل الأصالة. ما نلحظه هو تراجع التعبير الفردي لصالح التقليد الجماعي، مما يؤدي إلى استلاب لغوي وفكري.
من منظور علم النفس الاجتماعي وعبر تحليلات إرفنج جوفمان، أصبح الفرد يعبر عن ذاته من خلال نسخ ولصق نماذج جاهزة. لم يعد التعبير عن التجربة الحقيقية ممكنًا، بل أصبح الفرد يستخدم قناعًا رقميًا يرتديه الجميع مما يفقده الخصوصية.
التكرار الببغائي يخلق هوية البوست، هوية سهلة الاستهلاك لكنها تفتقر للعمق. هذا التأثير يمتد إلى النسيج الاجتماعي، حيث تلاشت الفروقات الثقافية والفنية، وأصبح الجميع يتبع نفس الاتجاهات والاستهلاكات، مما يؤدي إلى تسطيح ثقافي شامل.
وسائل الاتصال بخوارزمياتها تعزز المحتوى الشائع وتعمل على تحويل الثقافة إلى سلعة، وفقًا لرؤية جان بودريار، حيث نعيش في عالم تهيمن عليه المحاكاة. إن المحتوى الفيروسي مجرد نسخ لا تحيل إلى أصل حقيقي، مما يخلق واقعًا زائفًا وسطحيًا.
فقدنا الخصوصية التي ميزت الأمم والطبقات، وتحولنا إلى نسخ مشوهة تتنازل عن أصالتها مقابل الانتماء للترند. هذا التوحيد القسري يهدد التنوع البشري، ويسهم في تعميق الاستلاب وجعلنا أصداء باهتة تفتقر إلى هوية حقيقية.
كلمات مفتاحية: الإعلام الجديد، السوشيال ميديا، العولمة الرقمية، الخصوصية الثقافية، هوية البوست
اترك تعليقاً