تتشابه شخصيتا حسن عز الرجال وسيد كناريا في كونهما من إبداع السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة ، لكن الأهم هو عمق الشخصيتين الذي يجعلهما تشبهان وجهين لعملة واحدة ، عكاشة دومًا سعى للتعبير عن أزمات نفسية لجيل تم خذله من الحياة ، فحوّل أبطاله إلى مرآة لمسيرته ومسيرة وطنه .
في صيف 1989 ، ظهر أحد أبطال أسامة أنور عكاشة المميزين حسن عز الرجال في فيلم “كتيبة الإعدام” ، فقدم نموذجًا للرجولة والشهامة ممثلًا في نور الشريف ، عبّر هذا النموذج عن جيل واجه الهزيمة الخارجية لكنه قاوم بإصرار ، فكان حسن يبحث عن الشرف والغفران في مجتمع لا يرحم .
وبعد 14 عامًا عادت مأساة الجيل في شخصية سيد كناريا ، فاروق الفيشاوي قدم هذا النموذج في مسلسل “كناريا وشركاه” ، حيث تعرض لطعنة غير متوقعة واستغل ذلك ليدفن ماضيه ويمضي قدمًا ، إلا أن جرح الخيانة جعله يتحول لشخص يسعى للانتقام واستراد شرفه المفقود .
ورغم الاختلافات بين حسن وسيد ، إلا أن كليهما واجه اتهامات ومحاولة استعادة الكرامة ، حسن سعى لإثبات براءته من الخيانة ، بينما سيد كان يحاول التعايش بعد تورطه في جريمة ، لكن كلاهما أحاطتهما مؤامرات كلفتهما الكثير ، ولعبت الصدفة دورًا في أحداث حياتهما .
اكتشف سيد أن ما عاناه لم ينتهي عنده بل امتدت المؤامرة إلى ابنه الذي ظن أنه مات ، هذه المعلومات الجديدة جعله يبحث عن الحقيقة الحاضرة في ابنه المفقود ، وتحول سيد كناريا إلى درويش يسعى خلف طريق حسن عز الرجال.
في تطور الأحداث تتوافق شخصيتا حسن وسيد في كثافة الأزمات الاجتماعية والنفسية ، حيث تناولهما أسامة أنور عكاشة بانسجام خلال 30 حلقة ، مكنته من التعبير عن تعقيدات كل شخصية ، ليقدم لنا أسامة دراما تمزج بين المأساة والأمل.
وعند التعمق في البنية الدرامية نجد تطابقًا بين حسن وسيد في تفاصيل مؤثرة مثل الأسر ، حيث كان لكل منهما شقيقة وقفت بجانبه ، فحسن تُرك وواجه مشاق الحياة إلا أنه ظل مخلصًا ، بينما سيد وجد دعمًا غير مشروط.
احتوت الشخصيتان على تجربة الخيانة الزوجية التي أثرت فيهما بعمق ، حيث تعرض كل منهما لخيانات مشابهة جذبت تعاطف الجمهور ، زوجة حسن خانت بعد سجنه وسيد واجه موقفًا مماثلًا بانقلاب في العلاقة والزواج من عدوهما.
البحث عن الأبناء كان مكونًا مهمًا في قصتي حسن وسيد ، كلاهما جسد حيرة الأبوة في مجتمع غارق في الظلم ، حيث جهل مصير أبنائهما شكّل عقدة لكليهما ، مما أدى لتشابك الأحداث نها.
براعة أسامة أنور عكاشة في إظهار ما وراء الشخصيات تتجلى في التركيز على تفاصيل العاطفة والحياة اليومية ، كل شخصية كانت لها مساحاتها الداعمة من الأصدقاء والشركاء الذين وقفوا معها في المواقف الصعبة .
بوصفه كاتبًا بارعًا ، استخدم عكاشة الأغاني كعامل إضافي لتعميق الروابط مع المواقف التي يمر بها البطلان ، وهذا ساعد المخرجين في صناعة أعمال استثنائية على الشاشة ، حيث كان النص تجسيدًا لإبداع الحكاية والعمق .
رغم الاختلاف الواضح في بعض الجوانب بين الشخصيتين من وجهة نظر درامية ، إلا أن كلاهما يرمز لواقع عاشته أجيال بفترات مختلفة ، أسامة أنور عكاشة ترك بصمته في تاريخ الدراما المصرية وجعل البطلين رمزًا للأمل والبحث عن العدالة .
الأمر برمته يعكس اختلافات إخراجية؛ حيث عملاء الراحل عاطف الطيب في كتيبة الإعدام والمخرج إسماعيل عبد الحافظ في كناريا وشركاه ، كل منهم أضاف رؤيته الخاصة ليمنح العمل لونًا فنيًا فريدًا .
كتيبة الإعدام ، أسامة أنور عكاشة ، سيد كناريا ، حسن عز الرجال ، فاروق الفيشاوي
اترك تعليقاً